هنا لا نريد ان نقارن وضع المراة بين كوردستان و المناطق الاخرى في الشرق الاوسط، و انما يجب ان نتكلم بما نؤمن به و نعتقده حول ما يجب ان يكونوا عليه و هن في واقع ربما ان وضحناه اما يعتبرننا بالمبالغين بامرهن من كافة النواحي، و بالاخص فيما يعانونه من الواقع الاجتماعي الثقافي العام و ليس حالات خاصة ربما تحاول بعض المنظمات التي تدعي انها تدعم ما تسميه بانه قضيتهم و كانهن منفصلات وضعا و حياة و ما يهمهن عن الرجل، و هذا لاسباب ربما تدخل اهداف تلك المنظمات في تشويش حال المراة و منها مصالح ضيقة بهن و منها مادية، و لم يذكرن الحقيقة بل يخضعن لامور سياسية و لمناهج و افعال غريبة عن الواقع الكوردستاني . ما نعنيه هنا، ان المنظمات التي لم تلد من رحم الواقع و لم يبرزها المرحلة بل جاءت بامر فوقي او خارجي، انها لم تعلم صلب قضية المراة . ما نعنيه هو الخلط في ارواق المراة مع السياسة و الاقتصاد و الوعي العام و الثقافة العامة بشكل لم يحددن المعادلة التي تربطهم مع ما يعنين و ما يطلبن، بل يتصرفن من منظور مهني صرف و اكثرهم وراء المنافع المادية و منهن ايضا اكثر حيلا و تكتيا من الرجل ومنهن يريدن ان يبرزن من خلال هذه القضية المصيرية، اضافة الى استغلالهن و المشكلة التي يعانين منها من قبل الاحزاب كما هي القضايا الاجتماعية الاخرى المشابهة .
تاريخ كوردستان يشهد في كثير من زواياه على ان المراة كانت اكثر تقدما من المواقع الاخرى حتى في الدول الحضارية التي يشهد لها العالم، فتقدمهن فرض نفسه من ناحية النظرة اليها و ما يمكن ان يفعلنه عملا كان او سلوكا اجتماعي، او توجها و فكرا لهن الى الحياة، هذه مقارنة مع القريبات منهن او البعيدات من دول العالم الثالث، اي ان المراة الكوردستانية و بفعل و تاثير العوامل الكوردستانة الخاصة، منها الانعزال او الواقع الجغرافي الذي فرض عليهن البعد و الابتعاد عن الاختلاط طوال عقود في الكثير من مناطقهن قبل تدمير القرى و تجريفها، و منها ظروف الحياة الاسرية و العمل و مزاولتهن لما يفعله الرجل في مناطق كثيرة من كوردستان، و بالاخص في اريافه . اضافة الى عدم وجود الاختلاط الكبير بين الرجال في مناطق مختلفة بعيدة عن البعض مما دفع على ان يكونوا في مستوى متساويين في الثقافة و الوضع الاقتصادي و الثقافي الى حد كبير مع المراة مع فارق ضئيل جدا . اي للنساء موقع مرموق و مكانة يمكن ان نميزها مع الاخريات من امثالهن و المتشابهات معهن ظروفا من الكثير من الجوانب في مناطق اخرى .
هنا لا نتلكم عن مواقع محددة التي ربما تكون حالتهن افضل من قريناتهن في المدينة ايضا، و كما هو حال قرية جالة رش الواقعة على الطريق العام من جهة و نهر سيروان من جهة اخرى، من منطقة كَرميان التي لم تسجل اية حالة عنف و للمراة موقع هام يختلف عن الاخريات حتى من القرى الاخرى القريبة منها، و هذا له اسباب كثيرة منها القرابة بين الازواج و تاثيرات وجود بعض الخدمات اضافة الى ثقافة الرجال في تلك القرية التي تتميز ايضا عن الاخرين في القرى حتى المجاورة لها، و لربما لاسباب اقتصادية و اعتمادهم على الذات و الاكتفاء الذاتي في الكثير من الامور مع توفر الكثير من العوامل المساعدة و قربهم من نهر سيروان .
اننا نرى بعض الحالات و التوجهات الشاذة او التقيمات غير المنصفة مع حالات التقليد الاعمى التي تريد بعض منهن لما مروا به شخصيا، من المؤسف ان بعض النساء اللواتي يشذن عن العموم ربما اكثرهن عائدات من الدول الاوربية و تنفعل و تتكلم و تتصرف و تسلك طرق غير واقعية و كانها خبيرة بحالهن في الواقع الكوردستانية ويتعاملن مع واقع المراة على انه في حال لا مثيل له في المنطقة غير مبالات بما يعيشونه لدى اقرب الشعوب في المنطقة، و لم يقارن حالهن معهن . هذا ما يدفع الى ردود افعال غير طبيعية و خلط في اوراق هذه القضية، لانهن يريدن من النساء ان يقفزن على الواقع الذي يعيشون فيه، وكانما تتحول حالهن بين ليلة و ضحاها الى ما كن هن عليه في الدول المتقدمة و لا يدركن بان التقدم الطبيعي في اي شيء هو الاثبت و الانجح .
لو قيّمنا حال المراة السياسية بعد الكوتا الذي رفع نسبة اشتراكهن في مراكز القرار، فاننا نرى تشوها حقيقيا في امرهن، و الدليل اننا لم نر حتى اكثرهن بانهن شغلن مواقعهن بحال يمكن ان يخدمن بها قضيتهن، بل اُستغلِوا من قبل الاحزاب لامور حتى بعضها ضد قضيتهن الرئيسية، و تحركن في امور ليس ضدن فقط و انما حتى ضد ما يهم النساء جميعا، بل على العكس من بعض الرجال المؤمين بحقهن . انهن لم يثبتهن لاي منا قدرتهن و امكانية تحقيق اهدافهن بما لديهن من تلك الامكانيات الضعيفة سواء لظروف ذاتية او موضوعية، و انهن و لاسباب متعددة الجوانب اصبحوا حجر عثرة امام تقدمهن هن في قضاياهن . و هذا يمكن ان يعود الى حالتهن العقلية النفسية العاطفية التي يتمزين بها نتيجة ما ورثن من الواقع الاجتماعي الذي يعيشون فيه من كافة الجوانب، و لم تؤثر التعليم و الشهادات العليا التي تتمتع الكثيرات منهن بها في تغيير ذاتهن قبل اي احد اخر . كم من التناقضات حدثت في افعالهن، راينا منهن تصرخ و تعلي من صوتها و تتدافع وتدافع عن قضية المراة نظريا و كانها هي من يمكن ان تؤمّن حق اخواتها و وقفت ضد الزواج الثانية و الثالثة و هي عشقت و تزوجت على الضرة و على الثالثة ايضا بعد اقل فرصة سنحت لها .
اي الواقع السياسي الاجتماعي الذي اثر بشكل كبير على الرجل الكوردستاني و اوقعه في زاوية و همشه في الكثير من النواحي لم يكن بالقدر ذاته من التاثير على المراة، و ربما يخالفونني البعض بان الظروف اثرت عليهما معا . اقول ان الواقع يدلنا على غير ذلك لانهن هن بانفسهن يعتبرن ان الرجل هو الذي يجب ان يكون الرئيس و يصرف على البيت ( انا اتكلم على المراة بشكل عام، و لا اقول عن العدد القليل منهن التي لا تزيد عن عدد اصابع اليدين في اهتماماتهن بالجيندر و الفيمينزم و ما استوردن هذه المفاهيم ايضا دون ان يجدوا حتى كلمة مناسبة لها بلغة امهن ) .
اذن ان المراة ربما و لا اجزم هنا ايضا بانها بشكل عام اقل تضررا خلال السنين القليلة الماضية . و على الرغم من ذلك لم يبذلن جهدا في تحسين احوالهن هن بانفسهن و انما الواقع المتغير و القوانين الخاصة بهن هي التي دفعتهن الى تحركات و اكثرها عقيمة ايضا . اي لقد وُفر لهن الكثير من الجوانب ما لهن و لم يؤدين ما عليهن باي جانب كان لاسباب كثيرة تخصهن و اخرى الواقع الاجتماعي الاقتصادي السياسي العام . انا من جانبي اتمنى لهن المساواة التام و العمل على ذلك من قبلهن قبل ان يُهدى اليهن، ومع ذلك انهن يحتارن فيما بينهم في كيفية التعامل مع الجديد الذي توفر لهن، دون ان يكونوا في مستوى يتحملن التغيير . اي التغيير و التطور الطبيعي دون ان تكون هناك هبات زائفة او صورية و شكلية تُهب اليهن من قبل الرجل لامور و اسباب سياسية او ربما شخصية خاصة و من ثم تنعكس عليهن و تكون سببا لتراجعهن بشكل مخيف ايضا عما كانوا عليه من قبل .