قال لي صديقي العزيز المهتم بالشؤون التركية، صحيح حقا ان اردوغان يشبه العدس والخاسر في القمار، لا وجه و لا خجل له، لا كلمة و لا وعد او عهد، لا كلام ثابت و لا سلام نابع من السلم الحقيقي، يتغير في لمحة بصر لانه لا يعرف الصديق او الغريب بل كل ما يهمه هو هدفه الشخصي الذي يحمله و ينكره كثيرا، و هو ان يصبح سلطان عصره و ان يعيد عصر العثمانية باي شكل كان دون ان يقرا المستجدات المختلفة في المنطقة و العالم في هذا العصر .
منذ الربيع العربي و الثورات المتلاحقة بعدما جرى ماجرى في تونس، راى اردوغان ان الفرصة سانحة ان يخلق لنفسه و لتركيا موالين و يحقق بهم اهم الاهداف التي يحلم به وهو اعادة السلطنة العثمانية في حلة و ثوب جديد، و اهم التنظيمات و التشكيلات التي كانت موضع اعينه وباعتقاده انهم يمكنهم تحقيق مرامه او يساعدونه بهدف صنع ولاة بطريقة خاصة به، وهم تنظيمات الاخوان المسلمين التي برز دورهم بعد الثورات . اي بعكس العهد العثماني، بدلا من تحديد الموالين من انقرة انه اراد ان يجد من هو الملائم في عاصمة كل دولة و يكون بديلا للحكومة هناك او يفرض سلطة موالية له، و لم ينجح في اي بلد .
اليوم بعدما وقع الفاس على الراس من محاولاته الفاشلة، شاهدناه كيف غير كثيرا وجهته المتقلبة من الشرق الى الغرب في رفة جفن او لحظة مؤآتية . اليوم بدات عليه ملامح تغيير وجهته نتيجة تبديل ما اصر عليه كثيرا من دعمه للاخوان المسلمين الى تاييد التنظميات او السلطات الاخرى و هذه الحال مغايرة تماما لما كان يحمله ازاء تنظيمات الاخوان المسلمين من قبل .
بعدما الح على وجوب اطلاق سراح محمد مرسي في مصركثيرا و ضغط بكل ما كان لديه، وكذلك احتوى منظمة الحماس في بلده و دعمهم و دفعهم للسياسات التي تقع لصالحه، دعم داعش في سوريا و العراق فقط لتكون له يد في توجيه و تنظيم الدولتين لما يمهد لتحقيق هدفه الاكبر، توافق مع من يدعم الاخوان من دول الخليج و وقف ضد من كان ضدهم و هكذا كان الراعي و العراب الاكبر للاخوان من اجل تثبيت اقدامهم في كل دولة يتواجدون فيها من اجله شخصيا فقط . اليوم نرى تغييرا كبير في توجيهات اردوغان السابقة التي سواء كانت تكتيكيا و انتهت مدة صلاحياتها او اصطدم بموانع اجبره على التراجع و تاب عن اعادة اخطاءه .
على الرغم من ان اردوغان في هذه الايام لم يذكر الاخوان بصراحة بشيء كبير مخالف لما كان عليه من قبل الا انه الان لم يذكر مدى دعمه و تفهمه لهم، و كلما تكلم ياتي بكلمات فضفاضة عامة و لم يذكرهم حرفيا، غير انه تغير بشكل كبير مما كان عليه من الاشارة اليهم بلغة قوية، لانه انتقد تسيس الدين و كانه لم يسيسه من قبل و هو مستمر عليه، وسواء كان هذا لارتضاء المناوئين للاخوان او ربما بداية مضكحة لتغير رؤيته لهم من اساسها ان تطلب الامر . اضافة الى انه لم يشر في اي لقاءاته الاخيرة الى محمد مرسي و موقفه من سجنه من جديد او لم يطلب مباشرة اطلاق سراحه كما دعا الى ذلك من قبل مرارا . و ربما هذا الموقف جاء نتيجة خشيته من موقف ترامب الذي يقف في مواجهة الاخوان بالمرصاد و يريد كسب وده و اجبر على الابتعاد عنهم على الرغم من انه اعتقد بانهم يساعدونه على تحقيق اهم اهدافه الاستراتيجية . و لهذا، اننا نعتقد بانه يمكن ان نراه انه يتبرا منهم قريبا و ربما يعاديهم و يقف ضدهم بكل السبل كما هو المعروف عن براغماتية اردوغان و خضوعه الدائم لما يؤثر على توجهاته و ما يقدم عله من تغييراته المستمرة في نظرته و سياساته و علاقاته بين ليلة و ضحاها، و هذه الافعال غير مستغربة من شخصية سياسية يلعب باسم الدين و ينكر على الاخرين اللعب باسمه اي باسم الدين و يعيب على من يمكن ان يلعب لعبته السياسية في المنطقة .