ها أن فتيات وفتيان الكورد في مدينة عفرين البطلة مرة أخرى أثبتن للعالم أجمع، أن كوردستان مصنع الأبطال الخارقين، وأن الكورد شعب تفولذ بالنضال لا يقهر أبداً. صدقوني أن هذا ليس إدعاءاً أدعيه، بل هو حقيقة ساطعة لا يمكن إنكارها قط، لأنها مدونة في بواطن كتب تاريخ أعداء الكورد من الفرس والعرب والأتراك وغيرهم ممن زار كوردستان وشاهد الشعب الكوردي عن قرب. وفي عصرنا الراهن يشاهد زائر كوردستان شجاعة أسلاف الكورد محفورة على الجداريات والمنحوتات الحجرية القديمة على جبال كوردستان وفي متاحف بلدان العالم، واليوم على أرض عفرين الكوردستانية أن التاريخ يعيد نفسه من جديد حيث يرى العالم بأم عينه الصورة الحية لأحفاد أولئك الجبارين الكورد، كيف أنهم يواجهون بصدور عارية قوى الشر التركي الطوراني، أحفاد السفاحين الأوباش جنكيزخان، وتيمورلنك، وهولاكو . . .
لكي لا يقول القارئ الكريم أني أسطر الكلام على الورق فقط دون دليل، اسمح لي عزيزي أن أضع أمامك وبين يديك شيئاً من تاريخ مقاومة الشعب الكوردي لقوى الاحتلال الفارسي، العربي، التركي على مر التاريخ لوطنه كوردستان. إن الجدارية التي نحتت على سفح جبل بيستون قرب مدينة كرمنشاه في شرقي كوردستان خير شاهد ودليل على مقاومة الكورد للفرس العنصريين، الذين اغتصبوا الحكم من الكورد بالحيلة والدسيسة، حتى أنها عرفت في التاريخ بـ"حيلة كورش" أدناه صورة لجدارية بيستون وفيها الشاه الفارسي الهخامنشي يدوس بقدمه. . على جسد الرجل الدين الميدي الكوردي گومات Gomat الذي أعلن الثورة على الفرس لقد قبض عليه ومعه تسعة من المنتفضين أيديهم مكبلة من الخلف:
عزيزي القارئ، لاحظ الكتابة التي على الجدار إنها تتحدث عن الثورات التي قامت بها الشعوب التي كانت ترزح تحت حكم الهخامنشيين الفرس ومنها الشعب الكوردي، الذي قام بعدة ثورات على الهخامنشيين الفرس. من يريد أن يطلع على الترجمة الكاملة للكتابة الموجودة في الجدارية عليه أن يكتب في محرك البحث في "جوجل = Google": "بيستون هخامنشي - اطلس تاريخ ايران". عندها يظهر لك نصوص ما كتبه الشاه داريوش الهخامنشي الفارسي في هذه الجدارية التاريخية، وهي تتحدث عن ثورة فروارتيش الميدي الكوردي، وعن ثورة التي اندلعت في إحدى مدن شرقي كوردستان وهي إيلام (عيلام). إن الثورات الكوردية ضد الفرس مغتصبي الحكم من الكورد لم تخمد لقد ظلت مستمرة إلى يومنا هذا، أنهم ثاروا ضد النظام الشاهنشاهي العميل مرات ومرات مرة بقيادة الزعيم الكوردي سمكو شكاك. وقبله بقيادة شقيقه جعفر آغا. وفي إيلام قاد الوالي غلام رضا خان ثورة عارمة عمت مدن إمارة إيلام. وبعد إخماد تلك الثورة بالحديد والنار سرعان ما اندلعت ثورة أخرى بقيادة قاضي محمد التي أسست جمهورية كوردستان وعاصمتها مهاباد. وبعد مجيء الخميني للسلطة وإعلانه الحرب الظالمة على الشعب الكوردي لم يكن أمام هذا الشعب الأبي إلا أن يعلن ثورته المبارك على حكم ملالي طهران، وما زالت هذه الثورة المجيدة مندلعة في جبال شرقي كوردستان بقيادة مجموعة الأحزاب الكوردستانية.
وفيما يتعلق الأمر بالاحتلال العربي لكوردستان في صدر الإسلام، يقول المؤرخ الإنجليزي (ديفيد ماكدويل): إن الكورد ثاروا عدة مرات في العهد الخلافة الراشدة. وهكذا قال مفسر القرآن والمؤرخ محمد بن جرير الطبري: بأن الكورد ثاروا مرات عديدة في عهد الخلافة الراشدة. من هذه الثورات والانتفاضات، انتفاضة أمير أهواز الكوردي الخريت بن راشد، الذي امتنع بعد تحكيم الحكمين عن دفع الأموال لعلي بن أبي طالب، لذا شن هذا الأخير حرباً عليه وعلى الكورد الذين معه في أهواز. . . لم يقف الكورد عند هذا الحد في ثوراتهم ضد الاحتلال العربي، بل ثاروا مرات عديدة على الأمويين أيضاً، وهكذا ثاروا على العباسيين الذين جاء بهم إلى سدة السلطة أحد الكورد وهو أبو مسلم الخراساني (بهزاد). لقد استمرت هذه الثورات الشعبية حتى عصر الحديث، حين أرغموا العرب على الاعتراف لهم بالحكم الذاتي بقيادة الزعيم الكوردي الخالد ملا(مصطفى البارزاني)، وبعد سقوط نظام حزب البعث المجرم تطور ذلك الحكم إلى النظام الفيدرالي للعراق، الذي انبثق بعد عام 2005 من إقليمين عربي وكوردي. لكن للأسف الشديد أن العرب والفرس والأتراك يبقون كما هم ناقضي العهد، عديمي الوفاء، ولا يؤتمنون قط، وحين تسنح لهم الفرصة يضعوا كل تعهداتهم التي تعهدوا بها أمام المجتمع الدولي تحت أقدامهم، ويكشروا عن أنيابهم كالضبع. . للفتك بالآخر، وهذا ما شاهدناه في هذه الأيام على أيدي جهة من مثلثي الشر وهم الأشياع الناطقون بالعربية وبرفقتهم أذنابهم الغرباء التركمان، الذين استقدمهم العرب في غفلة من التاريخ من جمهورية توركمنستان، التي تقع في روسيا، ومن خراسان كجنود مرتزقة لخدمة الحكام السلاطين.
عزيزي المتابع، لا يخفى عليك أن العثمانيين الأتراك الطورانيون احتلوا بلداناً عديدة في الشرق الأوسط، لذا خضع لاحتلالهم البغيض ثلاثة أجزاء من الوطن الكوردي كوردستان وهي شمال كوردستان الذي كان من ضمنها غرب كوردستان، الذي لم يستقطع بعد عنوة من شمال كوردستان ويلحق قسراً بالكيان السوري، الذي استحدثته فرنسا (الكافرة) عام 1920. واحتل العثمانيون جنوب كوردستان أيضاً، الذي ألحق بالكيان العراقي، الذي استحدث عام 1920 على أيدي بريطانيا (الكافرة). تصور عزيزي القارئ أن الكفار من أجل أن ينتقموا من الشعب الكوردي المناضل، الذي استصرخ في تواريخ متباينة العرب والأتراك والفرس ضد الاستعمار الغربي إلا أن هذا الاستعمار الغربي الكافر صار يؤسس كيانات. . للمسلمين المساومين معه من العرب والفرس والأتراك، الذين قبلوا لأنفسهم أن يصبحوا مطية له وينفذوا مختطاته الجهنمية في المنطقة!!. على أية حال، لقد ثار في القرن السادس عشر وتحديد عام 1574 ميلادية (عفدال خان) ضد السلطات العثمانية المجرمة. وبعدها في أزمنة متغايرة توالت الثورات الكوردية المجيدة في كل من ملاطيا، وآمد، وسيواس، وبوتان، وهكاري، ودرسيم، وشمدينان، وويران شهر وكذلك ثورات البابانيين في جنوبي كوردستان، لقد ظلت هذا الثورات الكوردية مشتعلة في أرجاء كوردستان تدك مضاجع العثمانيين الأوباش حتى اندلعت الحرب العالمية الأولى بين الاستعماريين لتقسيم العالم، وحسب الأتراك أنفسهم كلاعب على الساحة الدولية حيث أنهم يستطيعوا أن يكونوا رقماً في المعادلة، لذا صفوا مع الألمان في تلك الحرب لعلهم يحصلوا على قضمة من الكعكة، إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن آل عثمان فهزموا مع الألمان في تلك الحرب. . وقوضت دولتهم إلى ما هي عليها الآن، وبقي ضمنها شمال كوردستان المحتل، الذي ساوم عليه الغرب. . مع الأتراك بالضد من إرادة الشعب الكوردي الجريح. بعد أن مضت عقوداً طويلة على تلك الحرب التي أشعلها القوى العظمى ظهر بين الأتراك الطورانيين في جمهورية تركيا شخص مهوس تبين فيما بعد أن درجات هوسه واضطرابه النفسي تفوق عموم الأتراك، الذين يعانون من هذا المرض النفسي الخطير، فلذا منحوه أصواتهم في الانتخابات الصورية التي تجرى عندهم ونصبوه حاكماً عليهم، وفي الأيام الأولى لتسنمه السلطة ظهر أن هذا المهوس لا زال يعيش في العصر العثماني، حين صرح هو ورئيس وزرائه بصوت عالي ليس خالياً من العنصرية المقيتة: أنهم عثمانيون جدد. أي يريدوا أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء، وذلك بتأسيس نظام قروسطي ثيوقراطي غارق في التخلف والانحطاط لكي ينصب نفسه خليفة على المسلمين، بناءاً على هذا الوهم العظيم أعطى لنفسه الحق أن يتدخل في شؤون المسلمين أينما كانوا، فعليه تدخل بشكل سافر في جمهورية مصر حين بعث بفلول داعش إلى سيناء، ووجه بعضهم إلى ليبيا لتقتيل الوطنيين من أبناء شعبها، وقبل هذا وذاك فتح أبواب بلده لكل مجرم وقاتل صاحب أربع عيوب؟ يريد أن يتوجه إلى سوريا والعراق وكوردستان لمحاربة الكورد والقضاء عليهم بالقتل والتهجير من وطنهم كوردستان، إلا أن فتيات وفتيان الكورد لقنوا مرتزقته درساً قاسياً لم ولن ينسوه أبد الدهر، بعد خسارته لهذه الجولة القتالية على أيدي شباب الكورد ما كان عليه إلا أن يتذرع بتذرعات واهية لا أساس لها من الصحة من أجل أن يشن جيشه الجرار هجوماً على الكورد المسالمين في عفرين في غربي كوردستان. لقد تصور هذا الطوراني الأبله أن فتيات وفتيان الكورد لقمة سائغة لفمه النجس، لذلك صرح بلغته التركية السمجة وبعنجهيته الطورانية وهو كالكلب انتفخاً يحكي صولة الأسدِ: أن جيشنا سيقضي على الكورد بثلاث ساعات. لكن مرت الساعات الثلاث وجيشه الذي يطلق من الخلف لم يتحرك من مكانه. إلا أنه من أجل الحفاظ على ماء وجهه، رغم أنه يعرف جيداً أنه شخص عاهر ليس له ماء وجه، لقد زعم: سنقضي على الكورد بثلاث أيام. لكن هذه الأيام أيضاً مضت وجيشه لا زال في مأزق. كأنه يقول: سنقضي عليهم بثلاث أسابيع وهذه الأسابيع أيضاً انتهت وجيشه ومرتزقته لا زالوا يراوحون في محلهم كالجرذان المذعورة. عزيزي القارئ اللبيب، بعد هذه التصريحات الكاريكاتيرية عرف أردوغان أنه أصبح مادة دسمة للسخرية، لذا وضع لسانه في. . ؟ وسكت سكوت أهل القبور. وأتته البارحة الصفعة الدبلوماسية المدوية التي حطمت أحلامه المريضة على قحفه، حين أفرجت المحكمة التشيكية بكفالة عن القائد السياسي في غربي كوردستان الأستاذ (صالح مسلم). وقبل تلقي هذه الصفعة الموجعة على فمه. . أعلمته أمريكا دون تبليغ - وهذا تحقير لهم ولكيانهم اللوزاني- بأنهم، أي: الأتراك، لم يعدّوا الطفل المدلل لديها حين فضلت عليهم حزباً سياسياً كوردياً قارع الإرهاب الداعشي الذي أنشأه رئيس جمهورية الأتراك المدعو رجب طيب أردوغان لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء لكي ينفذ خططته العثمانية في المنطقة وذلك بعودة الخازوق التركي ضد شعوبها، إلا أن فتيات الكورد الباسلات حطمن أحلامه وأهدافه الإجرامية على أرض كوباني وعفرين.
28 02 2018
" الوطن هو المكان الذي نحبه، فهو المكان الذي قد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تظل فيه. لا شك أن هذا الوطن لكل كوردي على أديم الأرض هو كوردستان"