التفاحة التي بأكلها اتهمتني أُمي

قصة / كازيوه صالح

ترجمة:  احمد قادر سعيد

أنا هنا أقضي أوقاتي ، رغم أني ألاّن اعتقد أن في زمن التكنولوجيا والتقدم هذا ، لم يعط أية فتاة قيمة لهذا الخوف الذي انتابني .

دون جزع أو جفول هن يمارسن رغباتهن  ويتحدثن ويبلغن أمهاتهن، وهن يستمعن عما يقلن وبنهاية الشغف يمعن النظر إليهن.

إلا أنها لم تصدقني، بل قالت: ((في هذا الزمن المتقهقر، كيف استطعت أن تجسمي هذه.. ليس هناك ما يشبه الحالات السائدة هنا.. هنا من يخاف حتى من كلمة الخوف نفسها.

عقدت العزم لأجمع كلماتي وأقول:((أين)) إلا أنها منعتني وقالت: (( هناك يقيسون قيمة الإنسان بما يفعله في الحال. هنالك آفاقه مفتوحة وهنا أبوابها مغلقة، ولن تعطي للتجارب والحياة سوى حكمة مثالية.))

حاولت قليلاً أن لا أسأل عن "هنا " بل قررت مقارنته بالعبارات السايفة الباقية على الجدران. ولكن تدخلت بسرعة وقالت: " فلهذا تستمع الأمهات لتلك الأحاديث التي تحدث في الحالات الطارئة ولن يحاولن العدول عنها، يحسبن التجارب بحكمة الحياة حتى لو كانت فيها خسارة. لا تهم الأمهات كبح جماح ما يسمونها "الآن". فهن يقرأن المستقبل على المرآة الصافية، دون الاهتمام بالعبارات المصطنعة المرعبة..)) فزعني العبارة الأخيرة، رجفة باردة حاكت ظهري، حاولت نسيان حلم تلك الليلة، غير أني عدت إلى حلم "هناك" يوم كنت طفلاً. الحلم الذي رأيته بعد انقضاء يومين على بلوغي، شاهدت فيه أني ذهبت إلى الساحة الخلفية لمدرستنا. هناك نبتت شجرتان مشوكتان، وفضلات الإنسان والكلب كانت مبعثرة، الكلب كان موجودا هناك منذ مدة طويلة. روّضه مدير المدرسة ليكون مراقبا على الطالبات، كي لا ينزل ذكر من السماء ويدخل المدرسة ويحاور الطالبات التي لم يسمح لهن المدير أن يلقي عليهن مدرس شاب، انه متيقظ ويمعن النظر إلى الجهات الأربعة.

فخوفا من الكلب أو إحدى صديقاتي، تعرق جسمي عرقا بارداً. كنت في غاية الخوف من مصيبة ما يحدث جراء مجيئي أو تواجدي في هذا المكان. إن عدم التصديق بما أشكو منه ، وهي مشاهدة تنورتي الرمادية للتأكد من عدم وجود بقع الدم عليها، سأصبح موضع السخرية أمام أنظارهن، وكنت على ثقة تامه أن جميع محاولاتي ستبوء بالفشل ، إذا علمن أني جئت مخفياً إلى هذا المكان الذي تفصله من ساحة المدرسة جدار ارتفاعه اكثر من مترين، ولن يرى منه سوى الغمامة والكلب والأبيض القابع على الأرض . بدأت بالتضرع والدعاء من القلب، لا أدري ماذا أقول لو شاهدني وأنا أبحث عن تلك القطرات من الدم التي لطخت تنورتي . انتابني خوف أخر يفوق المخاوف السابقة، ماذا أقول له إذ لم يصدقني ، بأن أسباب وجود هناك مرتبطة بما أنوي البحث عنها، كم كان الوطئة ثقيلاًَ عندما تجبرني للإتيان بأمي و يعكس صورتي امامها وأمام صديقاتي. الخوف كان اكبرا حينما تستمع بعض الزميلات و خاصة اللائي يغازلن المدرسين لحملهم على أن يعطوهن درجة أو درجتين زائدتين، ومن عاداتهن أن يكبرن الأحداث مرات و مرات.

فالمدرسون، مثل أمي، يختارون المراقبين، لمعرفة ما يحدث في المدرسة من مخالفات، ومدير المدرسة يحمل الأباء لزيارة الإدارة للاستفسار عن أية مخالفة قد تحدث في المدرسة أو لأي طالبة، مثلما كانت الأم تستفسر عن سبب تكسر قدح زجاجي صغير في البيت.

من لا يظن، أنه إذا ما بلغ والدي عما حدث لي. فأنه كأية اجراءة تسلطية يجبرني على ترك الدراسة ويحرمني من مواصلتها، وثم الشتم والفزع أمام الزميلات لأعطائهن الذريعة كي تتهمني بالسفالة وعدم الأخلاق.

فالخوف، احتضنتني مرةً أخرى، دون معرفة سببه، وسكبت عيني دموعاً وذرفت الدموع على خدي مولدة ألماَ وانتحاباً.

قررت البحث عن العلاج، نظرت إلى أشعة الشمس تضرعت إليها طالبة حدوث شئ ينسي الجميع ما طرأ على جسمي وحالتي. كم كان الاستماع صعبا على مخيلتي، والأصوات كلها ضد تصوراتي، فأحساسي دامت على تضرعاتها ودعائها، هاهي الشمس قد قبلت دعائي، ولكن شعرت أن عيبا كبيراً يداهمني ألا وهي إرسالها ولداً أسمر اللون، امتطى جواداً أبيضا، قرب الفارس مني البداية، ليست بيده التي حملت عصا غليطة بنيه اللون وانما بيده الأخرى مسحت دموعي، بدأت النظر إلى كل ما أراها حولي. مثل ما أذكره، من شبحه ومن جلده، أنه من جنس الذكر. فمراقبتي للجهات الأربع لم تعطيني الفرصة الكافية لأرى محياه ولون عينيه، غير أنه كجميع الرجال لديه وجه خشن ولسان خادع. فلا أعرف إن كان يحبني أم لا، وكل ما أريد منه الآن العمل على إنقاذي، فمسح دموعي هذه المرة أكثر عطفاً وحنانا من الحالة السابقة. آه لتلك الرجفة المؤلمة التي أتت على قلبي، تمنيت أن لا تحتضن مثلها على قلوب الآخرين، ازدادت خجلي حينما رأيت شبح والدي وقد يرتجل نحوي بخطى سريعة، تمنيت أن أصبح قطرة ماء تتبخر في لحظات أو أصير طائرا ليطير بجناحيه في عنان السماء..

لماذا لم أطير؟

لست الغمام، لأترك النظر إلى الشبح والدي. الفارس يصهو الحصان وحملني معه. ازدادت حينها نبضات قلبي وكلما اقترب منه كلما تزداد شعوري بما يسمونه اللذة.

وحينما نظرت إلى الجهة السفلى، رأيت أن والدي موجود في الساحة الخلفية للمدرسة، وهو يرفع سبابته مهدداَ.

أذهلتني تهديداته، فكنت تعلم أن الأب إذا ما هدد، ينفذ تهديداته. أرعشتني هذا الحدث الطارئ، مسببا سقوطي رأسا على عقب، غير أنه لم يلتفت لما يجري في تلك اللحظة، بل مضى في طريقه، هنا أدركت أن ألم التخلي كبير جداً. وعندما نزلت علمت أن الذي هددني قبل برهة ليس هو والدي إنما مسند لأحد جدران المدرسة.

مرة أخرى رفع صوته، حملني هذا الصوت العالي إلى أحشاء تلك الجمل التي كنت خائفاً منها والتحدث عنها حتى في الصحراء القاحلة.

الجمل التي لا أستطيع فهم معانيها ومعرفتها قد برزت أمامي مهددة إفشاء الأسرار التي أنوي كبتها وعدم التحدث عنها. وهاهو الصوت مرةً أخرى قهقه بوجهي قهقهة عالية قال: " انك لست خائفة من يقظتك فقط، وانما تخافين من أحلامك أيضاً"

من شدة الخوف سكبت عيني دموعاً كثيرةً، كنت أشعر أن من بين أحشاء رأسي نقراً يتبخر منه حرارة رطبة. همست في نفسي: " لن أعرف إن كنت تحدثت عن حلم رأيته بنفسي، وكيف علم هو وأضحكه بهذا الشكل المثير.."

رفع الصوت أكثر من المرة السابقة، وقال : " إن الحالة التي تخافين منها، هي حالة طبيعية لعامة النساء، إلا انك تعتبرينها نوعاً من الهتك."

" أهي طبيعة، من طبيعة الأنثى؟ فلماذا إذن لم أرى ما حدث لي، أن يحدث لأمي وأختي رغم أنهما كبريا مني سنا ولو لمرة واحدة.

عندما كنت طفلا، فتتأكد أمي وتقول:

-لا تلعبي مع الأولاد، انها عار عليك وعيب كبير تعود إليك.

-ما معنى العيب يا أمي

-إن الله عز وجل يدخلك النار.

" فما الكلام بعد ذلك اذن؟ صهوت الحصان مع ذلك الشاب الوسيم. أتدري ماذا فعلنا؟ إن ما فعلناها فاق الحديث والمداعبة.."

محى الضحك من الصوت هذه المرة، وقال بصوت يملأه الخوف والضغينة

-كم كنت معتوها يا حالم الليل.. إنها حلم ليلي فقط فلنعتبر حلما، فهناك أحلام كمداعباتنا تدخل دائرة الحقيقة، ولكننا نريد إخفاءها. فهناك أحلام تجهل أنت بما تدور منها من أحداث كثيرة. وهناك أمور عندك واضح وأنا أجهل ما يدور في خفاياه من أحداث . إن ما شاهدته في المستشفى فأن عينيك لا تراها أو تخطر ببالك. فأنا رأيت بأم عيني أن الفتاة البالغة من العمر"عشرين" عاماً والتي أصفرت وجهها من شدة الخجل وتجمعت حولها  المرضى، أخبر الطبيب أمها بأنها حامل. كانت للحادثة وطئة أليمه على نفسها. إنها تخاف من العودة إلى البيت، وتقول هي والأم للطبيب مستنجداً: " دخلت الحمام بعد أشقائي، وبدأت الغسل على نفس المكان الذي هم غسلوا عليه."

ارتفعت نواح الأم، غير أن الفتاة أصرت على كلامها وقالت: إنما أحس به  الآن، حدث فيما كنت نائماً.." إنها تشبه ما رأيته في حلمي السابقة. إلى هذه اللحظة لم أبوح بكلمة واحدة. والآن أشعر بضيق في التنفس. رغم كوني آنذاك طفلة صغيرة وبعيدة عن تلك المسائل. ألا أني أدركت أن من يؤدي مثل هذه الأعمال إنما تختل شرفها، أو ترتكب جريمة كبيرة. هنا ألتفت والدتي إلى الحشد الذي يحتضن الفتاة وقالت:

" وجود الفتاة بلاء تسلط على عائلتها، فما على أولياء أمورهن ألا أن يتزوجن قبل بلوغهن الثانية عشرة من عمرها."

حسبت أن عمري في هذه اللحظة ينقصه أربعة  أشهر. وظننت أن بعد هذه الشهور الأربعة، تتزوجني عائلتي من أحد شئت أم أبيت، وتضع شريط الزواج حول عنقي، لم أعرف معنى هذا الشريط أول الأمر، وأتصور أنه كمثل تلك الشريط الذي يضعونها حول عنق المعزى. التي يقتصرون عالمها إلى أقل من متر واحد فقط. هنا استدارت والدتي وقالت:

-إنها نتيجة الثقة بالرجال.

ما أدركت في هذا الوقت معنى كلامها وقصدها، أمعنت نظراتها الى وجهي مكملاً حديثها: " إنها ربما لعبت في المدرسة مع الأولاد. أو هي نتيجه حماقه أرتكبها.."

تذكرت ذلك الحديث الذي قالت لي والدتي: ولتكوني حذرة في تعاملك مع الذكور، حتى لو كان الذكر أبوك. لا تلفت إلى أحد وأنت سائرة في الطريق، لا تعطي الأجوبة لمن كانوا في السيارة، لا تقتربي منه كي لا يخطفك ويختصبك في النهاية. فلا تجاوبي أحداً أبداً وهو يسألك عن مكان لا يعرفه. واقرأي كل ليلة "آية الكرسي" أظن أنك لا تقرأيها رغم أني علمتك منذ ما يقارب الثلاثة سنوات. وتحلم كل ليلة بالعفاريت والرجال.

فمنذ ذلك الوقت، بلورت في نفسي شعور الكراهية من جنس الذكر. وفي المدرسة لن أعير دروسهم اهتماماتي، قررت الغياب في حصص بعضهم. رغم إن المدير لن يعطي الدروس إلا للذين تقدموا في السن، إلا إن كراهيتي تزداد عليهم كلما أتذكر نواياهم وما يدور في مخيلتهم حسب التصورات التي جناها والدتي عنهم، قررت أن أكره أخي شوان، مع أنه وأصدقاءه مكان تقدير واحترام المدير وأصدقاءهم.

ما هذه القطرات من الدم، وأين تسربت. أليست شرفي التي ضاعتها.. قلت ونفسي مستائة من تلك الحالة: " هي نفسها رأيتها في المستشفى. خلال ليال أربع متواليه، أنا أنهض على الفراش ولمرات عديدة، أغسل ملابسي الداخلية، لأنظفها من هذه الدم الملعونة، وألبسها وهي رطبة،  لاأدري الصلوات في أوقاتها، هاهي الآن بعد انقضاء مدتها تخلصت منها " ولكن بعد ذلك..

-ماذا بعد.. انك لازلت مذنبة بأكل التفاحة. أتدري لماذا؟

"في الحقيقة، كنت أتصور، إن لديها أشياء تفوقني وتفوق النساء الأخريات. ولكن بعدما نهد صدري قليلاً، أرى أنها تنظر إلي بطرفة عين وتقول: " صرت امرأة بالغة، ألا ترين نهديك وصدرك.. ولا زلت تتلكاء من مساعدتي واداء أعمال البيت وتنظيفه "

لازلت حائراً أمام الأسئلة الكثيرة المحيرة التي لم ألق ولو جواباً واحداً منها. أظن إن ما أراه طبيعياً لغيري فقط لأن حينما أقف أمام المرآة أسمع كلاما يقول: " وجدت قلبك " حينها الخجل تداهمني برهة. ولكن كلما تحين الفرصة، أضع المرآة الصغيرة على الأرض وأمعن من خلالها إلى وجهي وأبحث من خلالها عن الفرق بيني وبين اخوتي، لأراها، كي تكشف ذلك السر الذي يميز والدتي بيني وبين أخي شوان ومقدار حبها له وعدم الاكتراث بما يصيبني من مشاكل وعدم الاستقرار. والآن أشعر بأني غريبة في هذا المحيط. مرات عديدة وقبل أن أبلغ سن الخامسة عشرة، توجهت عدة أسئلة إلى بنات عمتي وأقول لهن: متى تزوجت والدتي؟ ومتى ولدت؟ كنت أبحث في الزمن الضائع الذي يشدني إليه، لأني لا أعتبر صاحباً لأحد ولا لذلك الزمن "

-أنت مجرمة أمام نفسك، لأن مخاوفك جعلت منك ترك زميلاتك وعدم الاختلاط معهن، لتستطيع التعرف على ما تحدث عليك من مثل هذه التغيرات. ولن تصبحي عبدا للخوف كما كنت فيه الآن.

" كانت مخاوفي بلغ حداً، أخاف من أن تتوجه الزميلات إلى بيتنا وبدأن يحدثن والدتي عما رأينها. كل ما أتذكر، أني أعطي جميع النقود التي يعطيني في البيت ويلفقن الأكاذيب أمامها ويحرصن حتى تشتمني والضرب بعدها. قررت الابتعاد عن الصديقات، وكنت محيراً الآن، كيف عرفتنى ما حدث لي.. والحيرة تزداد عجبها حينما علمت أنك تعرفين ما في باطني.

-فإذا جرأت أن تبوح بحقيقة أن أكل التفاحة ليست جريمة.. بل وسيلة لمعرفة الوصول إلى الأشياء. عندئذ فلا تخفى عليك شئ.

" قررت نزع  ملابس الخوف الآن، ثم العيش لنفسي وليس لغيري هنا أواجه الطبيعة، وليست طبيعتي وحدي، ولكي أطارد تلك المخاوف هاهي الآن أنزع أمام المرآة ملابسي كلها وأنظر إلى منظري كي تتبدد جفولي.

أرتفع صوته هذه المرة وقالت:

-أيتها المغفلة، أكنت جريئة إلى هذا الحد؟ سأهديك هدية لائقة، فمادام قمت بمراجعة نفسك، فراجعي الزمن، فأنظري إلى المرآة.

-المرآة.. هل تحدثت عن المرآة.

" كنت، حسب أقاويل والدتي، أخاف حتى من كلمة المرآة بدأت النظر إلى أطرافي الأربعة. الكرسي الذي تجلس عليه والدتي قد تكسرت وتعفنت إحدى ساقيها، فصفوف الليفات التي حاكتها وعلقتها على الأشرطة، فإنها والأشرطة قد تلاشت من الوجود. بيت في غاية الهدوء، كأنه لا وجود له قبل أكثر من قرن، غرفتي ظهرت أحجارها وابريق الشاي ومقود الشبابيك، قد نخرت، وتتساقط على الأرض قطعاً متناثرة."

رفعت قطعة المرآة، ونظرت إلى ملامحي، حينذاك رأيت خصلتين بيضاوين وقد امتدتا على صدري. ان الجفول من منظري جعلني أشعر بالندم، حاولت إخفاء الخصلتين تحت قلادتي.

فمره أخرى، فالصوت الغريب، صاح بقهقهة عالية وقالت:

-أنت تكذبين حتى مع نفسك، فأنظر أنك تحاولين إخفاء الماضي من وراء قلادتك.

-من أنت..ألست ساحراً، وأنت على علم بالأشياء كلها.

-أنا صوت – هناك – هناك باطنك، الباطن الذي تتحدثين عنه بجمل براقه، الباطن الذي جعل منك أن تتحدث حتى مع ظلك.

حملني خطواتي كي أصل إلى قرب النافذة، هنا نظرت إلى الخارج فلا أذكر كم من الوقت وأنا مستمر في هذا النظر. الذي بقي في ذاكرتي مجموعة من القبور في سفح التل مقابل بيتنا المهدمة، وهي لازالت تراقبني بنظرتها الثاقبة كانت الأزهار والأعشاب قد حجبتا القبور. إنها التفت نظرها، ورأيت أقراص لعبة الدومينو وقد تبعثرت بين الواديان الصغيران التي تحولتا الآن إلى مملكة الموتى، فليست الأزهار والأعشاب كمثل الأيام السابقة.. فالأموات تزداد أعدادها وتحل محل الأعشاب والزهور.. وهاتان ضريحتان قريبتان. من  يظن أنهما كان يحبان إحداهما الأخرى في حياتهما. فهناك قبر رمادي وسطهما. أظن أن لونه كان أبيضاً ولكن قدمه غير لونه وصار رمادياً، انه أمام نافذة بيتنا وقد كتب على حجارته اسم أمي.

 

                                                                                                                  

                                                                                                             آيار/1998